يقول سبحانه وتعالى :"بسم الله الرحمن الرحيم: الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان “.
علمه البيان أي أنعم على الإنسان الـقدرة على التعبير والتفاهم . فاللغة هي الوسيلة على ذلك ..واللغة هي الكلام والكتابة ..النطق والسمع . هي القراءة والفهم والإدراك لما يجري حولنا هو البداية في قراءة هذا الكون ومحاولة التعبير عنه.
ويعبر الإنسان عما يجول في خاطره وما يجري حوله إما بالحركة أو الإشارة أو الرسم أو الكلام بالنطق أو الصراخ أو الهمس . ويدرك الإنسان بالسمع واللمس والنظر والشم والتذوق .. ووسائل الإدراك هي الحركة والسير والسفر والتمعن والتبصر والتفكر والتذكر والتخزين للأفكار والتخيل والأحلام .. لبيئته ومناخه وإقليمه ومحيطه وما يجول حوله .. فالبيئة حوله هي التي تحكم وتتحكم في التعبير. والبيئة لها مكوناتها المتعددة والمتفرعة . ولكن عناصر البيئة الإبداعية ثلاث وهي الإنسان والأرض والعمل الإبداعي .. حيث إن العمل الإبداعي هو نتيجة التفاعل بين الإنسان وعالمه المحيط به . ومحيط الإنسان هو الأرض وما عليها :" والأرض وضعت للأنام "
إذن بالإنسان تحددت الأشياء الإنسانية : فهو المنطلق وهو المقياس . فهو المخلوق الذي يعيش على هذه الأرض التي وضعت له خصيصا حيث صممت حسب مقاييسه وخلقت حسبما هو مخلوق لأجله
والإنسان جزء من هذا النظام الكوني الأزلي ولا خيار له في ذلك فانه يتعلم بالإدراك ويتعلم مما حوله .. ولكون الإنسان جاهلا حيث ما حوله يفوق علمه وخبرته فكان لابد أن يكون له أخطاء وهفوات وزلات ..حيث يتعلم الإنسان بالتجربة والخطأ وهو العلم التجريبي .. العلم الذي يعتمد على الكتابة والتسجيل . فالقراءة والكتابة هي بداية البداية لدى الإنسان . وهي بداية التاريخ المسجل أو المؤرخ أو بداية الحضارة ومظاهرها الثقافية.فالحضارة هي الإنتاج الإنساني التراكمي على مر العصور من منتجات عمرانية وعلمية وفكرية وتكنولوجية بالمفهوم الاجتماعي الاقتصادي الشامل والمستمر تاريخيا . أما الثقافة هي طريقة التعامل مع هذه المنتجات المادية والفكرية
فلولا الفنون لما كانت هنالك حضارة أو ثقافة على وجه الأرض. ومن هذه الفنون ومن أهمها الفنون التشكيلية فهي تشمل كل فن له شكل أو هيئة فراغية أي أنها تشكل كل ما له علاقة بالخط والرسم والحفر والنحت والعمارة والبناء والعمران من مدن وشوارع ومساكن وحدائق وأسواق وأثاث وملابس , وأدوات صغيرة وكبيرة ووسائل نقل ووسائل إعلام وصناعة وكل إنتاج ملموس ومحسوس ومرئي ومع أنه ليس كل إنتاج هو فن ولكن كل فن هو إنتاج .وليس كل تعبير هو فن ولكن كل فن هو تعبير.
فالفن هو إنتاج حضاري وتعبير ثقافي له شروط وقوانين تميزه عن غيره من إنتاج أو تعبير عادي فالفن هو تعبير غير عادي هو تعبير أو إنتاج ملفت للنظر ومثير للأحاسيس. إن الفن يجب أن يعكس ذوقا وعلما وخبرة ويجذب الناس إليه لما فيه من حس وصدق وذوق ورسائل تنفذ إلى جميع الأحاسيس والعواطف والعقول والادراكات البشرية على مدى العصور وعلى مختلف الثقافات .
وظائف الفن في المجتمع:
1. وسيلة للتسلية و الترويح عن النفس من وطأة العمل.
2. خلق تيارات و موجات عارمة من المشاركة الوجدانية.
3. له وظيفة تربوية هامة إذ أنه أداة لتربية المشاعر و التسامي بالحس نتيجة لإدراك الانسجام الفني.
4. له و وظيفة عملية تتمثل في الحفاظ على الآثار التاريخية.
5. له اثر كبير من الناحية القومية من خلال الخطب الحماسية و الأناشيد القومية.
6. له وظيفة دينية,حيث يستخدم في مناسبات دينية مختلفة .
7. الوظيفة المنطقية للفن. يدخل الفن في حياتنا الاجتماعية و يتغلغل في صميم هذه الحياة بحيث يصبح الفن مبدأ للحياة
دور التربية الفنية في التربية و التعليم :
منذ إن استحدث نظام التعليم المقصود و المسمى بالتمرس, استحدثت معه التربية الفنية كمجال تعليمي يستخدم الفن التشكيلي مدخلا من مداخل التربية المدرسية مثله مثل بقية مجالات المعرفة التي تحولت إلى مقررات دراسية.فالدور الأساسي للتربية الفنية كمقرر دراسي يتعلم فيه الفرد المعرفة العلمية لمجالات الفن المتعددة مثل التصوير و الجرافيك و التصميم و الزخرفة....الخ , كذلك يتعلم المتعلم ضمن أساسيات إنتاج العمل الفني تلك المهارات و التقنيات التي تنتج بها هذه المنتجات , إضافة إلى المعايشة الوجدانية و التذوقية للفن و تطبقاتها في الحياة للاستمتاع بها.كانت التربية الفنية كمادة تعتمد على تقنيات صناعة الفن دون غيره من الجوانب الموجودة في الفن من وجدان ومعرفة فأصبحت عملية ممارسة الفن عملية آلية تعتمد على القدرات المهارية ، وقد ساعدت الدراسات التربوية والنفسية بعد ذلك إلى لفت الانظارالى ضرورة إعطاء الطفل قدرا من الحرية في التعبير ، وهكذا تعاظم الهدف من التربية الفنية وساعد على تحقيق الابتكار كهدف من أهداف تدريس الفن في المدرسة كهدف أسمى من العملية التعليمية المدرسية للنهوض والنمو والتطور للحياة الاجتماعية .إن المتتبع لصياغة الأهداف في التربية الفنية لكل مراحلها التاريخية يجد إن التذوق الفني يتلازم مع إنتاج الفن ولذا فالصياغة تستند على الإنتاج وتتبعه بالتذوق فلا إنتاج بلا تذوق ولا تذوق بلا إنتاج يتفاعل معه الناس.